top of page
Search

يوم تحرير أو يوم تضخم!؟


 

هل كان أمس الأربعاء ٢ ابريل ٢٠٢٥ يوم اعلان الرئيس الأمريكي عن رسوم جمركية "تعرفات" مضادة على واردات بلاده من دول ومجموعات دول أخرى رداً على فرضها لرسوم على صادرات بلاده اليها يوم تحرير للاقتصاد الأمريكي بحسب تسمية الرئيس او انه يوم لتفجير برميل التضخم على المستويين المحلي والعالمي بحسب تسمية وزير الاقتصاد الالماني روبرت هابيك؟ أم انه أكبر من ذلك وأبعد؟

 

الحقيقة أنه كان أكثر من ذلك بكثير، فالخطة التجارية الأمريكية في مواجهة كافة دول العالم التي بدأت ملامحها بالتبلور تقوم على ركيزتين، أولاها، التعامل بالمثل، وأكثر في بعض الحالات، مع الجميع صغيراً كان أو كبيراً، أما الثانية فهي استخدام أدوات الردع المتاحة وفي مقدمتها الرسوم الجمركية لردع انسيابية التجارة الأجنبية باتجاه السوق المحلية.

 

فوفقاً للركيزة الأولى: وهي تطبيق "مبدأ التعامل بالمثل"، لم يأخذ مصممو البرنامج بأية اعتبارات "غير تجارية" مهما كانت إنسانية أو تعويضية للدول الصغيرة والضعيفة اقتصادياً التي تحاول حماية بعض صناعات الكفاف التي تعتاش منها شعوبها  كما في حالة فيتنام التي تعتبر انموذجاً اكاديمياً صارخاً لانطباق هذه الاعتبارات، ففيتنام دولة يزيد تعداد سكانها على ١٠٠ مليون نسمة، وهي تحاول منذ تحررها من الاحتلال العسكري الأمريكي في أواخر ستينيات القرن الماضي تحويل اقتصادها الى انموذج مصغر للأنموذج الصيني بـــ"التصنيع من أجل التصدير" ولذلك تفرض رسوماً عالية تصل الى ٩٠٪ على وارداتها من الولايات المتحدة، فكان الرد الأمريكي بفرض رسوم مضادة على صادرات فيتنام للولايات المتحدة بمقدار ٤٦٪، وإذا ما علمنا بأن فيتنام تصدر ما يصل الى ٣٠٪ من منتجاتها للولايات المتحدة نعرف ان الرسوم الامريكية تعني "مسح فيتنام" عملياً من خارطة تجارتها العالمية دون اعتبار لظروف البلد الفقير الذي كانت الولايات المتحدة سببا مباشرا في تدميره وقتل أبنائه ووقف تنميته على مدى عقود، ودون غض للبصر عن صادرات فيتنام اليها كنوع من التعويض غير المباشر للشعب المقهور. فالمهم لدى الإدارة الأمريكية الان هو عدم السماح لفيتنام بأن تصبح الباب الخلفي لتصدير الصناعات الصينية التي أخذت نصيبها الأوفر من الرسوم الامريكية، وأن تضطر الشركات الأمريكية المتوطنة في فيتنام للعودة للولايات المتحدة..

 

والعمل بهذا المبدأ لا يقتصر على ما نراه من الإدارة الأمريكية تجاه فيتنام والحالات المشابهة لها، ولكن يزيد في الغاء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) التي تقدم المساعدات الإنسانية والدعم الاقتصادي للتقليل من الانفاق الفدرالي بالتوازي مع اطلاق شعارات بأن الولايات المتحدة ليست جمعية خيرية للدول الأخرى من عدد من اركان الإدارة الامريكية.

 

أما الركيزة الثانية: وهي استخدام أدوات الردع المتاحة، فتقوم على عدة أدوات منها التجارية ومنها السياسية. والتجارية منها تشمل الرسوم الجمركية والتخفيض المتعمد للعملة، أما السياسية فترتكز على تهديد الدول الأخرى بعدم الرد على الإجراءات الامريكية حتى لا تتعرض لإجراءات أشد وأكثر تنوعاً، وتفصيل ذلك كالتالي:

 

أولاً: مرتكزات الخطة الأمريكية:

 

١. الرسوم الجمركية: تلقت الدول والمجموعات التجارية الكبرى على مستوى العالم اقوى صفعات قوية من هذه الرسوم. فقد تلقت الصين أقوى الصفعات بفرض رسوم انتقامية إضافية عمياء بنسبة ٣٤٪ تضاف لـــ٢٠٪ سابقة ليبلغ اجمالي الرسوم التي تفرضها الولايات المتحدة على وارداتها من الصين الى ٥٤٪، تبعتها فيتنام بنسبة ٤٦٪ حتى لا تستخدم كباب خلفي لتصدير المنتجات الصينية نظراً لعلاقة الارتباط الكامل للاقتصاد الفيتنامي بالصيني.

 

الصفعة الثانية تلقتها اليابان برسوم عمياء نسبتها ٢٤٪ دون أخذ بالاعتبار لأهميتها الجيوسياسة في استراتيجية الدفاع الأمريكي في مواجهة الصين والاتحاد السوفييتي..

 

الصفعة الثالثة تلقاها الاتحاد الأوربي برسوم عمياء بنسبة تصل الى ٢٠٪ دون أخذ بالاعتبار للتحالف المصيري والتبعية في مختلف المجالات وأهمها العسكرية والاقتصادية بين الولايات المتحدة وأوربا..

 

الصفعة الرابعة تلقتها الهند برسوم عمياء أيضا وصلت إلى ٢٦٪، لم تأخذ في الاعتبار الدور الجيوسياسي المتصاعد للهند في مواجهة الصين وفي غرب اسيا والخليج العربي في ضوء تغيير الهند لتحالفاتها التقليدية باتجاه مساندة وشراكة أكبر مع الولايات المتحدة وإسرائيل..  

 

الصفعة الخامسة تلقاها قطاع عريض من الدول برسوم عمياء تتراوح فيما بين ١٥٪ و ٤٨٪ على قطاع عريض من الدول في مختلف انحاء العالم معظمها من الدول الفقيرة التي تستحق الإعانة..

 

أما الصفعة الأخيرة فقد تلقتها عدة دول مختلفة من حيث مستوى الدخل وحجم التجارة مع الولايات المتحدة من ضمنها المملكة العربية السعودية، التي تعتبر مؤشر الميزان في سوق النفط العالمية، برسوم عمياء حددت بـــ١٠٪ باعتبارها مساوية لما تفرضه الدول المشمولة في هذه الفئة علي وارداتها من الولايات المتحدة، بصرف النظر عن حجم الاقتصادات تلك الدول وحجم تبادلاتها التجارية وما اذا كانت تصدر سلعاً استراتيجية ومواد خام لا يستغني عنها الاقتصاد الأمريكي في تحريك عجلته الإنتاجية..

 

٢. التخفيض المتعمد للعملة: فقد رشح عن بعض الدوائر المالية الأمريكية أن إدارة الرئيس ترمب تعتزم اللجوء لتخفيض متعمد للدولار في مواجهة عملات الاحتياط العالمية الرئيسية لتعزيز حجم الصادرات الأمريكية واضفاء المزيد من الجاذبية على الطلب العالمي عليها، دون الأخذ بالاعتبار أن هناك من يسعون فعلاً للتحرر من هيمنة الدولار وإمكانية استغلالهم لهذا التوجه في تشكيل وبناء سلال عالمية متنوعة للعملات والاحتياطات النقدية وأدوات التسوية التجارية، تمكنهم من تسريع تحقيق هذا الهدف بتحجيم وزن الدولار العالمي في التعاملات الاقتصادية، بصفة عامة، لا التجارية فحسب..

 

ثانيا: الآثار على المستوى الأمريكي المحلي:

١. المدى القصير

أ. القوة الشرائية: لا شك بأن فرض رسوم إضافية على الواردات، مع التخفيض المتعمد للعملة الوطنية سيؤدي بالتأكيد لتخفيض القوة الشرائية للمواطنين في المدى القصير المصاحب لارتفاع في الرقم القياسي لأسعار المنتجين، وارتفاع في المستوى العام للأسعار، ما يعني الحاجة لضخ مزيد من الأموال لتعويض الفقد في الرواتب والأجور أو بتعبير اخر، اشعال فتيل التضخم..

ب. التضخم: إشعال فتيل التضخم في بلد تتوطن معظم صناعاته واستثماراته الصناعية في بلاد اجنبية، غير محمود العواقب، ولا يمكن السيطرة عليه بأدوات السياسات النقدية والمالية المتعارف عليها في الظروف المعتادة في المدى القصير. فتقليل عرض النقود وزيادة سعر الفائدة واتباع سياسات نقدية ومالية متحفظة مع ارتفاع الأرقام القياسية للمنتجين والمستهلكين، سيزيد النار اشتعالاً وقد يوصل الاقتصاد لمرحلة الركود التضخمي Stagnation الذي يجبر الاقتصاد على المراوحة في مكانه أو حتى فقدان المزيد من قواه الدافعة.

٢. المدى المتوسط والطويل:

       يراهن صانع القرار الأمريكي على أن التأثيرات السلبية على الاقتصاد المحلي ستزول في المدى المتوسط والطويل، وذلك بالرهان على عودة الاستثمارات الأمريكية المهاجرة، واستقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتصدير مزيد من المنتجات الأمريكية، خاصة منها المتقدمة تكنولوجياً، ما سينعكس بالإيجاب مستقبلاً علي الاقتصاد الأمريكي ويحوله لماكينة انتاج عالمية لا نظير لها ولا يمكن منافستها. وهذا الرهان ممتاز ولا غبار عليه من الناحية النظرية البحتة لو كان فيما بين ولايات أو مقاطعات في دولة كبيرة كالولايات المتحدة، ولكن ليس في عالم فيه أكثر من ٧ مليارات نسمة في قارات مختلفة ودول مستقلة ذات سيادة. ويمكن النظر في عدة اثار للرسوم الحمائية على الاقتصاد المحلي من مثل هذه الرسوم المرتفعة منها:

       أ.  ليس بالضرورة أن يحدث المأمول من جانب صانع القرار الأمريكي فيخضع الجميع للإرادة الأمريكية طوعاً أو كرهاً، فللآخرين اجراءاتهم وتجارتهم البينية التي قد تكون أكثر جاذبية وتقنع "المستثمر الأمريكي" الحالي في الخارج بالبقاء حيث هو الان، بل ربما يزيد من حجم استثماراته في مواطن استثماراته الأجنبية مع استهداف دول ومجموعات دول غير الولايات المتحدة..

       ب. إجبار المواطن الأمريكي على استهلاك منتجات أمريكية سيتسبب في نشوء احتكارات صناعية محلية تقود للاسترخاء في المنافسة العالمية فتتخلف وتتضاءل وتفقد حافتها التنافسية وقيادتها التطويرية والسوقية في بعض المجالات المتقدمة..

       جـ. التسبب في نشوء سوق سوداء وأسواق تهريب لبعض المنتجات الأجنبية المتقدمة المطلوبة بقوة في السوق الأمريكية..   

 

ثالثاً: الآثار على المستوى العالمي:

       ١. التداعيات اللحظية: التداعيات اللحظية على المستوى العالمي تتضح في ردود الأفعال العالمية على الرسوم الأمريكية ومستهدفاتها، ومن أهمها:

       (أ) انتقاد وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يوم الخميس أحدث التعريفات المتبادلة للولايات المتحدة، قائلا إنه بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين، هذا يوم "التضخم وليس يوم التحرير". وأضاف بأن على الاتحاد الأوربي أن يتفاعل "بطريقة موحدة" و "قوة أوروبا هي قوتنا"، ولدينا "أكبر سوق موحدة في العالم"، وأنه يجب علينا "الاستفادة من هذه القوة".

ولكن الوزير وازن تصريحه بمد يد تصالحية قائلاً بأنه "لا يزال هناك بعض الوقت للكتلة الأوربية للبحث عن اتفاق من خلال المفاوضات"

 

وقالت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية صوفي بريماس، إن فرنسا سترد على التعريفات الجديدة لرئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب إلى جانب الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن الخدمات الرقمية يمكن استهدافها في التدابير المتبادلة. وسنواصل الحديث عن تعريفات ترامب. وأضافت بريماس بأنه من المرجح أن يكون هناك رد أولي في منتصف أبريل، ثم رد آخر في أواخر أبريل، معلنة بأن فرنسا "مستعدة لهذه الحرب التجارية" وحذرت من أن التعريفات الجمركية الأمريكية سيكون لها "تأثير ركودي" في بعض المناطق في العالم.

 

كما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سابقا عن اجتماع مع ممثلين من الصناعات المتضررة من رسوم ترمب بنسبة 20٪ على السلع من الاتحاد الأوروبي.

      

(ب) أدانت الإدارة التايوانية الزيادة في الرسوم بنسبة 32٪ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتبارها "غير معقولة للغاية"، وأعلنت عن خطط لتقديم شكوى رسمية إلى السلطات الأمريكية. وتجادل تايبيه بأن هذا الإجراء يشوه العلاقة التجارية الثنائية، ويفتقر إلى أساس علمي واضح، ويسيء تفسير الاختلالات التجارية، ويربط تايوان بشكل خاطئ ب "التلاعب بالعملة".

جـ. قال رئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا إنه يعتبر الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا "مؤسفة للغاية" وأثارت "قلقا بالغا" بشأن ما إذا كانت متوافقة مع الاتفاقيات التجارية. وأضاف إيشيبا بأنه لن يتردد في السفر إلى واشنطن والتفاوض مباشرة مع ترمب "إذا لزم الأمر"، وأنه سيستمر في مطالبة الرئيس الأمريكي بإعادة النظر في إجراءات رسومه التجارية. كما أشار رئيس الوزراء الياباني الى أن الشركات اليابانية لعبت دورا "مهما" في الاقتصاد الأمريكي وأكد على أن سياسات واشنطن سيكون لها تأثير كبير على التجارة العالمية.

د. حث اتحاد الأعمال السويسري Economiesuisse الحكومة الفيدرالية على التصرف بسرعة بعد قرار الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية بنسبة 31٪ على الصادرات السويسرية، ووصفت المنظمة هذه الخطوة بأنها "عبء خطير" على الاقتصاد السويسري المعتمد على الصادرات، وحذرت من أنه يمكن أن يضر بمناخها الاستثماري، وقال الاتحاد "لن تجعل التعريفات الأمريكية الجديدة الصادرات السويسرية أكثر تكلفة فحسب، بل ستضعف أيضا القدرة التنافسية للشركات وتؤثر سلبا على مناخ الاستثمار".

هـ. إستمرت البورصات الرئيسية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في الانخفاض اليوم الخميس حيث أثار إعلان الرسوم الجمركية الأخيرة لرئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب الفزع في جميع أنحاء العالم بما في ذلك في الولايات المتحدة ذاتها حيث حققت سوق الأسهم الرئيسية في وول ستريت خسائر كبيرة مع  جرس الافتتاح اليوم الخميس ترقباً لردود أفعال مختلف دول العالم على الرسوم، فانخفض مؤشر داو جونز بنسبة 2.61٪ وانخفض مؤشر ناسداك 100 بنسبة 4.12٪ انهار مؤشر S&P بنسبة 3.37٪. وذلك بفعل انخفاض الشركات الامريكية متعددة الجنسيات الكبرى، ومازال النزيف مستمراً..

 

و. ارتفعت قيمة اليورو بنسبة 2.23٪ مقابل الدولار اليوم الخميس في الساعة 9:29 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة وتم بيعه مقابل 1.10986 دولار.

 

ز. وعدت الصين، التي تعد واحدة من أكثر البلدان تضررا من رسوم ترمب على صادراتها للولايات المتحدة بنسبة إجمالية قدرها 54٪ ، بالرد بطريقة "حازمة" ودعت وزارة التجارة الصينية الولايات المتحدة إلى "إلغاء هذه التدابير التعريفية أحادية الجانب على الفور وحل النزاعات التجارية بشكل صحيح من خلال الحوار المتساوي مع شركائها". وقالت الوزارة إن بكين تخطط لاتخاذ "تدابير مضادة حازمة" ضد التعريفات الجمركية الشاملة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أجل "حماية حقوقها ومصالحها". وحذرت الوزارة من أن التعريفات الأمريكية "تعرض التنمية الاقتصادية العالمية للخطر"، مضيفة أنه "لا يوجد فائزون في حرب تجارية".

ويأتي هذا في الوقت الذي خسر فيه مؤشر شنغهاي المركب 0.51٪ في الساعة 7:11 صباحا بتوقيت وسط أوروبا، مع انخفاض مركب شنتشن بنسبة 1.54٪ بعد دقيقة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة 1.88٪ في الساعة 7:13 صباحا بتوقيت وسط أوروبا، وتراجع مؤشر كوسبي المركب في كوريا الجنوبية بنسبة 0.85٪ في نفس الوقت.

حـ. إنخفض مؤشر S&P/ASX 200 الأسترالي بنسبة 0.94٪ وانخفض مؤشر نيكي 225 الياباني بنسبة 3.07٪ في الساعة 7:14 صباحا بتوقيت وسط أوروبا. وتم تداول الدولار بنسبة 1.18٪ أقل من الين.

ط. أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الخميس أنه سيجمع ممثلين رئيسيين من الصناعات المتأثرة بالتعريفات الأمريكية الجديدة في وقت لاحق من اليوم في قصر الإليزيه. فقد هزت التعريفات بالفعل قطاعات مثل النبيذ والمشروبات الروحية الفرنسية، وحذر اتحاد مصدريها FEVS من أن المبيعات الأمريكية يمكن أن تنخفض بنسبة 20٪ على الأقل. وأعلن في وقت لاحق عن اعتزام بلاده الرد بشكل كاسح على الرسوم الأمريكية، ودعا المستثمرين الفرنسيين إلى التوقف فوراً عن ضخ مزيد من الاستثمارات في الاقتصاد الأمريكي.

ي. قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لين إن التعريفات الجمركية الشاملة لرئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب هي "ضربة قوية للاقتصاد العالمي".وأضافت "دعونا نكون واضحين بشأن العواقب الهائلة: سيعاني الاقتصاد العالمي بشكل كبير، وسيتصاعد عدم اليقين ويؤدي إلى صعود المزيد من الحمائية"، محذرة من "العواقب الوخيمة" على الملايين في جميع أنحاء العالم. وقالت فون دير لين إن أوروبا "تضع بالفعل اللمسات الأخيرة على حزمتها الأولى من التدابير استجابة للتعريفات الجمركية الأولى على الصلب" وتعد بالمزيد من التدابير المضادة إذا فشلت المفاوضات وأكدت على ما قاله وزير المالية الألماني بأن [أوروبا] في هذا معا "إذا أخذت أحدنا، فأنت تأخذنا جميعا،" وقالت، "الرسوم الامريكية جعلت من أوروبا جبهة موحدة." وشددت على أن "أوروبا تقف معا، من أجل الأعمال التجارية، من أجل المواطنين، ومن أجل جميع الأوروبيين، وسنواصل بناء الجسور مع جميع أولئك الذين يهتمون، مثلنا، بالتجارة العادلة والقائمة على القواعد كأساس للازدهار".

ك. أمر القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية، هان داك سو بعقد "اجتماع طارئ" شمل وزير المالية تشوي سانغ موك، ووزير الصناعة آن دوك غيون، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين آخرين لمناقشة الرسوم الأمريكية نظرا لأن الوضع "خطير للغاية" مع أمر واقع باتجاه العالم نحو "حرب الرسوم الجمركية العالمية تجبر الحكومة على تجنيد كل قدراتها المتاحة للتغلب على هذه الأزمة التجارية"، وأمر القائم بالأعمال الحكومة بوضع "تدابير دعم للصناعات المتأثرة بالتعريفات الجمركية، مثل صناعة السيارات الكورية الجنوبية."

ل. إنخفضت العقود الآجلة للنفط العالمية اليوم الخميس، حيث انخفضت بأكثر من 3٪ ما أثار مخاوف المستثمرين بشأن الصراعات التجارية المحتملة التي يمكن أن تقلل من التوسع الاقتصادي وتخفض استهلاك الطاقة. فانخفضت عمليات تسليم غرب تكساس المتوسطة لشهر مايو بنسبة 3.36٪ في الساعة 3:10 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة، مقابل 69.27 دولارا للبرميل. وتراجع مزيج برنت لشهر مايو بنسبة 3.19٪ بعد دقيقة، حيث بيع بسعر 72.46 دولارا للبرميل.

م. إنخفضت أسهم شركة الشحن الدنماركية العملاقة AP Moller - Mærsk A/S بنسبة 10٪ يوم الخميس، ما أدى إلى مزيد من الخسائر مع تراجع الأسواق العالمية من تأثير التعريفات الأمريكية الجديدة. فباعتبارها رائدة في التجارة العالمية، تتعرض ميرسك بشكل خاص لتباطؤ أحجام الشحن الدولي.

ن. أعلنت وزارة التجارة الهندية اليوم الخميس أنها "تدرس بعناية الآثار المترتبة" على التعريفات الجديدة التي كشف عنها رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب. وتأتي الرسوم بنسبة 27٪ على السلع الهندية بعد أسابيع فقط من تأكيد ترامب ورئيس الوزراء الهندي شري ناريندرا مودي من جديد على خطط تعزيز التجارة الثنائية إلى 500 مليار دولار بحلول عام 2030. ولكن، على الرغم من الزيادة المفاجئة في الرسوم، فقد أكدت الهند على أن المحادثات التجارية لا تزال نشطة وأن " مناقشات تجري بين الفرق التجارية الهندية والأمريكية من أجل التوصل إلى اتفاق تجاري ثنائي متعدد القطاعات مفيد للطرفين"، ما يشير إلى نية الهند في الحفاظ على الزخم في المحادثات التجارية.

 

وحتى لا ينتهي الترقيم بالحروف الأبجدية، أكتفي بهذا القدر من التداعيات اللحظية التي سردتها، وما سيتبعها من تداعيات متتابعة وأفعال وردود أفعال قد تتطلبها ضرورات التعامل مع الأزمة في اليام والأشهر القليلة القادمة ما لم تتمكن الولايات المتحدة من التفاوض على حلول مرضية لمختلف الأطراف..

 

        ٢.التغيرات البنيوية: التغيرات البنيوية في حال إصرار الإدارة الأمريكية على الرسوم الجمركية العمياء على وارداتها من الدول الأجنبية ورفض التفاوض بشأنها، كبيرة وعلى قدر كبير من الخطورة ومنها:

 

              (أ) إعادة ترتيب التحالفات الاقتصادية في العالم بشكل لم يكن ليخطر على بال أحد وتعزيز موقف مجموعة دول "بريكس" التي قد نرى في عضويتها دولاً أوربية، وحلول منظمات بريكس ومؤسساتها المالية غير المفعلة حتى الان لتحل محل المؤسسات والوكالات الدولية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة حالياً ليتشكل النظام العالمي الجديد الذي يتيح للدول الصاعدة القوية مزيداً من المشاركة والعدالة الاقتصادية المنشودة..

              (ب) التوجه نحو مزيد من الانسيابية في التجارة بين باقي دول العالم وانخفاض في الأسعار للتعويض عن السوق الامريكية..

              (جـ) تحول الاقتصاد الأمريكي في المدى الطويل الى اقتصاد محلي يهدف للاكتفاء بالانكفاء، ما سينعكس بالتأكيد سلباً على الدولار وأسواق المال والعقار والاستثمار الأمريكية

              (د) فقدان النفوذ السياسي على الدول الفقيرة التي ستضطر للبحث عن شركاء يتعاملون معها بمنطق الرحمة لا بمنطق الربح والخسارة.

 

وفي الختام، لا أرى في هذه العجالة المبدئية، أية فرصة لنجاح الإدارة الأمريكية في تحقيق اهداف خطتها لإعادة الثقل الاقتصادي خاصة في جوانبه التصنيعية والتكنولوجية المتقدمة لأراضيها والاستئثار بكافة فرص التنمية والثروة من خلال خطة ترتكز على الرسوم الجمركية والتخفيض المتعمد للعملة، في مواجهة العالم أجمع وإجباره على قبول الفتات التي تجود به للآخرين حتى وان تمكنت في المدى القصير من فرض ما تريد على العالم بالتلويح بقوتها العسكرية كما فعلت الإمبراطورية الرومانية في غابر الزمان، ولن يصح في النهاية الا الصحيح أو يتسع نطاق الفقر والمعاناة الإنسانية ليشمل دولاً ومجموعات دول لم تكن تعاني قبل الرسوم،  فتندلع حرب عالمية كبرى لا تبقي ولا تذر وتمضي بالعالم نحو مستقبل مجهول لم يكن في الحسبان التوجه نحوه..

                       

 

     

        

 

 

 

     

     

 
 

يسرني ان تكتب انطباعك او رأيك فيما وجدت في موقعي

Thanks for submitting

بإمكان اي زائر ان يستفيد مما يجد في موقعي هذا بالشكل الذي يراه مناسباً، ولا اطلب منه سوى ان يذكرني ضمن مصادره، وان لم يفعل فأنا اسامحه..

bottom of page